الجمعة, 29 مارس 2024 | 4:37 صباحًا

مقال تحليلى.. الصكوك الذراع الثانى لصناعة المالية الإسلامية.. مؤشرات ومعدلات النمو

بقلم: د. أحمد شوقى
خبير مصرفى

شهدت أسواق رأس المال الإسلامية العالمية العديد من التطورات خلال العام 2018 في أصولها الثلاثة الرئيسية الصكوك والأسهم الإسلامية وصناديق الاستثمار. ويمثل قطاع سوق رأس المال الإسلامي بنهاية عام 2018 نسبة مقدارها 27% من موجودات صناعة الخدمات المالية الإسلامية العالمية، ويرجع هذا إلى الأداء الإيجابي عن الإصدارات السيادية والإصدارات متعددة الأطراف في الأسواق الإسلامية الرئيسية لدعم نفقات عجز الموازنة حيث شمل السوق لأول مرة صكوك سيادية خضراء في اندونيسيا لتمويل مشاريع صديقة للبيئة وكذلك إصدار أخر سيادي في المغرب.وقد حققت الصكوك نمو إيجابي على المستوى العالمي قدرة 22% إلا أن معدل نمو الصكوك كان أبطأ من العام السابق ليغلق عند 530,4 مليار دولار أمريكي عام 2018 مقارنة بــــ 434,8 مليار دولار أمريكي عام 2017 وفقاً للتقارير الصادرة عن IFSB.

 

 

وتمثل الصكوك 24,2% من إجمالي صناعة المالية الإسلامية عالمياً والتي يقدر إجمالي أصولها بــ 2,19 تريليون دولار أمريكي عام 2018 وبذلك فهي تمثل المكون الثاني من حيث الحجم لإجمالي صناعة المالية الإسلامية، بعد المصرفية الإسلامية والتي تقدر بـ 1,57 تريليون دولار أمريكي. وقد بلغ معدل النمو السنوي المركب خلال الخمسة عشر عام الماضية 30,6%. وقد حافظت ماليزيا على موقعها كأكبر دولة من حيث حجم الصكوك المتداولة بنهاية عام 2018 بنسبة 47%. كما يستحوذ على نسبة أكثر من93% من حصة الصكوك المتداولة عالمياً ستة دول وهم ماليزيا، والسعودية 18,2%، واندونيسيا 13%، والإمارات 9,5%، وقطر 3,4%، وتركيا 2%.

وبتحليل القطاعات الجغرافية الأكثر تداولاً للصكوك عالمياً خلال الفترة من 2012 حتى 2018 يتضح أن دول أسيا من أكثر الدول تداولاً للصكوكونمواً في معدلات التداول حيث بلغ معدل نمو الصكوك المتداولة للعامين 2018 و2017 حوالي 35% و 31% علي التوالي تليها دول مجلس التعاون الخليجيحيث بلغ معدل نمو الصكوك المتداولة خلال العامين 2018 و2017 حوالي 35% و25% على التوالي وتلاحظ وجود تباين ما بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و دول أفريقيا ما عدا الشمال من حيث التداول ومعدلات النمو كما هو موضح بالجدول التالي (القيمة بالمليار دولار): –

 

 

في ظل التحديات والظروف العالمية التي شاهدتهاالأسواق المالية فقد بلغت الإصدارات الجديدة للصكوك 93 مليار دولار أمريكي بمعدل نمو 1,7% في 2018 مقارنة بالعام السابق 2017 والذي بلغ 22,8% من حيث الإصدارات الجديدة ويعد عامي 2011 و2012 هم الأكثر من حيث نمو الإصدارات الجديدة للصكوك خلال الفترة من 2005 حتى 2018 حيث بلغ معدل النمو  88,8% و56,4% على التوالي، وتُظهر إحصائيات المركز المالي الإسلامي الدولي بماليزيا  MIFCأن الإصدارات العالمية للصكوك حتى نهاية النصف الأول من عام 2019 تصل إلى 87,4 مليار دولار أي ما يقارب 94% من الإصدارات الجديدة لعام 2018.

 

 

ومن حيث حجم هياكل إصدارات الصكوك (المتوافقة الشريعة) ، فتسجل صكوك المرابحة الحصة الأعلى في إصدارات الصكوك خلال العام 2018 بنسبة 28% من إصدارات الصكوك بينما سجلت صكوك الإجارة  نسبة 25%، وتسجل الصكوك ذات الهياكل الهجينة  (والتي كانت الفئة الأبرز خلال عام 2017 بسبب الإصداراتالسيادية كبيرة الحجم في السعودية) حوالي نسبة 21,4%، وصكوك الوكالة نسبة 20,8% ويتضح أن الأربع فئات السابقة تمثل نسبة 95% من إصدارات الصكوك، ويتبين أن الفئات الأربعة ذات توزيع متوازن من إصدارات الصكوك يتراوح ما بين 21% إلى 28% من إجمالي إصدارات الصكوك. ومن بين عقود الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية الأقل استخداماً صكوك المشاركة والتي تم استخدامها من خلال دولة ماليزيا فقط، بينما صكوك المضاربة تم استخدامها من خلال عدد من الشركات والكيانات المرتبطة بالحكومات من خلال خمس دول متمثلة في ماليزيا، واندونيسيا، والإمارات، وايرلندا، وتركيا. وبالنسبة لعقود صكوك السلم تم استخدامها من خلال إصدار سيادي وحيد لتسهيل إدارة السيولة قصيرة الأجل بالمؤسسات المالية الإسلامية.

 

 

وتمثل إصدارات الصكوك السيادية 74% من إجمالي إصدارات الصكوك لعام 2018 وتمثل أغلبية الإصدارات في الإصدارات السيادية على الرغم من انخفاض قيمة الإصدارات السيادية بنسبة 9% عن عام 2017 وتشترك في إصدار الصكوك السيادية 13 دولة والتي تضمنت إصدار سيادي جديد بدولة المغرب لمدة خمس سنوات بالعملة المحلية بما يعادل 106 مليون دولار أمريكي بمعدل عائد 2,66%، وقد حافظت ماليزيا على سمعتها التاريخية كأكبر الدول في إصدار الصكوك السيادية تليها السعودية ثم إندونيسيا.

 

 

وشهدت إصدارات صكوك الشركات دفعة كبيرة خلال عام 2018 حيث بلغت 24,44 مليار دولار وبمعدل نمو 55% أعلى من عام 2017 ودعم هذه الزيادة الإصدارات الكبيرة بدولة الإمارات تليها ماليزيا والسعودية وتركيـا، ويشترك في إصدارات صكوك الشركات بوجه عام  10 دول مقارنة بــ 9 دول عام 2017 وتشمل ظهور دول غير إسلامية كهولندا وايرلندا وانجلترا.

 

 

واستمرت دولة ماليزيا في كونها أكبر مصدر لصكوك الشركات تليها الإمارات والتي تضمنت إصدارات صكوك غير مضمونة تبلغ قيمتها مليار دولار أمريكي من بنك دبي الإسلامي ضمن برنامج إصدار صكوك بمبلغ 5 مليار دولار أمريكي، فضلاً عن إصداره 750 مليون دولار أمريكي متوافقة مع الشريحة الأولى لبازل 3، كما شملت أكبر الإصدارات لصكوك الشركات بالإمارات إصدار صكوك لموانئ دبي وموانئها العالمية بمبلغ مليار دولار أمريكي بالإضافة لعدد من الإصدارات الكبيرة من البنوك الإسلامية وغيرها من الشركات المصدرة للصكوك والتي شملت تغير في هيكل إصدار صكوك دانا للغاز، ومن أبرز إصدارات صكوك الشركات في عام 2018 بماليزيا صكوك HSBC AMANAH ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي سيتم استخدام عائداتها لدعم الشركات المؤهلة ضمن سبع من أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة بواسطة HSBC، ويعرض الجدول التالي أهم إصدارات الصكوك خلال العام 2018.

 

 

وبالنظر لإصدارات صكوك الشركات والصكوك السيادية خلال عام 2018 يتبين انه يشترك في إصدارها 16 دولة وتحتفظ دولة ماليزيا بمكانتها كأكبر مصدر للصكوك من حيث الحجم على الرغم من انخفاض حصتها النسبية عام 2018، تليها المملكة العربية السعودية كثاني اكبر مصدر للصكوك على الرغم من انخفاض حجم الإصدارات السيادية عام 2018، وتحتل الإمارات المركز الثالث كأكبر مصدر للصكوك ويرجع ذلك لارتفاع حصة إصدار صكوك الشركات، بينما تراجعت اندونيسيا من المركز الثالث للمركز الرابع وانتقلت تركيا إلى المركز الخامس بسبب زيادة نشاطها عام 2018 على الرغم من التحديات الاقتصادية التي واجهتها  خلال الفترة السابقة .

 

 

كما سجلت إصدارات الصكوك ذات الاستحقاقات طويلة الأجل ما بين 5-10 سنوات وأكثر من 10 سنوات أكبر من 50% من إصدارات الصكوك، وكان الاتجاه الأبرز في حجم إصدارات الصكوك ذات استحقاقات ما بين 1-3 سنوات، وبتحليل حجم إصدار الصكوك من حيث القطاعات الاقتصادية يتبين تنوع إصدارات الصكوك من حيث القطاعات الاقتصادية، حيث استمر كلاً من القطاع الحكومي والقطاع المالي يحتلان أكبر حجم من حيث إصدارات الصكوك مجتمعين بنسبة 79% يليهم إصدارات الشركات في عام 2018 بقطاع المرافق والقطاع الصناعي والقطاع العقاري وقطاع الطاقة .

 

 

وقد استمر الطلب على الصكوك الجديدة في الأسواق الأولية من حيث عدد مرات زيادة الاكتتاب، ولكن بنسبة معتدلة نسبياً مقارنة بالطلب التاريخي على الصكوك، باستثناء عدد مرات زيادة الاكتتاب الملحوظة على الصكوك المصدرة من إحدى الشركات الصناعية الرائدة بالإمارات سينات Senaat والتي سجلت  10 مرات زيادة في الاكتتاب، كما زادت عدد مرات الاكتتاب لتصل الى 5,5 مرة على صكوك الصرف الصادرة عن الخزانة الوطنية الماليزية وكان  المسئول عن هذه الزيادات مديري صناديق الاستثمار، وبشكل عام كان الطلب على الصكوك الجديدة ايجابياً بالأسواق الأولية. وبتحليل السوق الثانوية خلال عام 2018 يتبين حدوث تحول لرغبات المستثمرين في عوائد الصكوك بالمقارنة لعوائد السندات المالية.

وفي ضوء العرض السابق لمؤشرات ومعدلات نمو الصكوك في الأسواق المالية العالمية يتبين أهمية الصكوك كأحد أهم الأدوات المالية المستحدثة في الأسواق المالية،وفي ظل وصدور تعديلات قانون سوق رأس المال المصري ولائحته التنفيذية في 22/11/2018يمكن لجمهورية مصر العربية الاستعانة بالتجارب الدولية الرائدة وعلى رأسها تجربة دول ماليزيا والسعودية والإمارات في تعبئة المدخرات وتمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة وعلى وجه الخصوص المشروعات الحكومية المتعلقة بالبنية التحتية، ويجبإعداد الكوادر البشرية المؤهلة والتي ستدعم من تطبيق الصكوك في السوق المصرية، وإعداد الدراسات السوقية، وتحديد أهم المشروعات التي يمكن تمويلها من خلال الصكوك، وذلك لتطبيق الصكوك في السوق المصرية لتحقيق معدلات مرتفعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورفع كفاءة المشروعات التنموية ومشروعات البنية التحتية والتي تعد توجه إستراتيجي للدولة.

وقل ربي زدني علماً ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات،،،،،

التعليقات مغلقة.